" ذكاء مستشار "
لما مات بعض الخلفاء اختلفت الروم واجتمعت ملوكها ، فقالوا :
"الآن يشتغل المسلمون بعضهم ببعض ، فتمكننا الغرة منهم ، والوثبة عليهم"
وعقدوا لذلك المشاورات وتراجعوا فيه بالمناظرات ، وأجمعوا على أنه فرصة من الدهر . .
وكان رجل منهم من ذوي العقل والمعرفة والرأي غائبا عنهم ،فقالوا :
" من الحزم عرض الرأي عليه "
فلما أخبروه بما أجمعوا عليه ، قال : " لا أرى صوابا " !
فسألوه عن علة ذلك ، فقال :" في الغد أخبركم إن شاء الله " .
فلما أصبحوا ، أتوا إليه ، وقالوا : " وعدتنا أن تخبرنا في هذا اليوم بما عولنا عليه "
فقال : " سمعا وطاعة "
وأمر بإحضار كلبين عظيمين كان قد أعدهما ، ثم حرش بينهما ، وحرض كل واحد منهما على الآخر ، فتواثبا ، وتهارشا ، حتى سالت دماؤهما . . . .
فلما بلغ الغاية ، فتح باب بيت عنده ، وأرسل على الكلبين ذئبا كان قد أعده لذلك ،
فلما أبصراه تركا ما كانا عليه ، وتآلفت قلوبهما ، ووثبا جميعا على الذئب فقتلاه ،
فأقبل الرجل على أهل الجمع فقال :
" مثلكم مع المسلمين مثل هذا الذئب مع الكلاب ،
لا يزال الهرج بين المسلمين ما لم يظهر لهم عدو من غيرهم ،
فإذا ظهر تركوا العداوة بينهم ، وتألفوا على العدو"
فاستحسنوا قوله واستصوبوا رأيه .
~ كل ـآلود ~الأمير